وسط تحذيرات حقوقية.. تصعيد قضائي يطول العديد من الناشطات الإيرانيات

وسط تحذيرات حقوقية.. تصعيد قضائي يطول العديد من الناشطات الإيرانيات
دعوات لإنهاء التمييز ضد الإيرانيات

تواصل السلطات الإيرانية تشديد قبضتها القضائية والأمنية على الناشطات السياسيات والحقوقيات، في مسار متصاعد يُنظر إليه على نطاق واسع بوصفه انتهاكاً ممنهجاً للحقوق الأساسية، ويعكس إصرار الدولة على التضييق على الأصوات المعارضة والنشاط المدني، لا سيما في أوساط النساء والطالبات. 

ويأتي هذا التصعيد في سياق سلسلة من الاستدعاءات والأحكام بالسجن، بالتوازي مع الإفراج المحدود عن بعض المعتقلات بعد قضاء محكومياتهن، في صورة متناقضة لا تُخفي استمرار النهج القمعي.

وتُظهر أحدث التطورات صدور استدعاء رسمي بحق الناشطة الطلابية والسجينة السياسية السابقة مطهرة غوني، لتنفيذ حكم بالسجن لمدة عام واحد، بحسب ما أعلنته بنفسها عبر حسابها على منصة “إكس”، أمس الثلاثاء. 

ويفرض الاستدعاء على غوني التوجه إلى السجن خلال خمسة أيام لبدء تنفيذ العقوبة، ما أثار موجة تضامن وتحذيرات حقوقية من استهداف متكرر للناشطات بعد الإفراج عنهن أو حتى بعد انقضاء فترات احتجاز سابقة.

استدعاءات وأحكام متراكمة

تكشف خلفية قضية مطهرة غوني عن مسار قضائي طويل، إذ سبق أن أصدرت محكمة الثورة في طهران، الفرع 29، حكماً بسجنها 21 شهراً بتهم شملت “الدعاية ضد النظام” و“إهانة المرشد الأعلى علي خامنئي”، قبل أن تُثبت محكمة الاستئناف الحكم. 

وكانت قوات وزارة المخابرات قد اعتقلتها في 14 يونيو الماضي، بالتزامن مع اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، في خطوة ربطها مراقبون بتوسيع دائرة القمع خلال فترات التوتر الإقليمي. 

وتُعد غوني من بين الناشطات اللائي اعتُقلن خلال الانتفاضة الشعبية، حيث أُفرج عنها لاحقاً، لكنها واجهت قراراً بطردها من الجامعة، ما يعكس امتداد العقاب إلى المجالين الأكاديمي والاجتماعي.

إفراج لا يبدد المخاوف

أفرجت السلطات الإيرانية، في تطور موازٍ، عن الناشطة السياسية مهناز تارهار من سجن إيفين بعد انتهاء مدة محكوميتها، وفق ما أكدته منظمات حقوقية ومصادر مقربة من عائلتها. 

وكانت تارهار قد اعتُقلت في أحد شوارع طهران، ونُقلت بداية إلى جناح 209 التابع لوزارة الاستخبارات، قبل تحويلها إلى الجناح العام. وصدر بحقها في يناير 2023 حكم بالسجن ثلاث سنوات وثمانية أشهر بتهمة “التجمع والتآمر”، إضافة إلى ثمانية أشهر بتهمة “الدعاية ضد النظام”، قبل تخفيف العقوبة إلى عامين وتسعة أشهر.

وتوضح تفاصيل قضيتها أن المحكمة العليا رفضت ثلاث مرات طلب إعادة المحاكمة، كما عارض جهاز مخابرات الحرس الثوري الإفراج المشروط عنها، ما أطال فترة احتجازها.

ويرى حقوقيون أن الإفراج بعد استكمال العقوبة لا يعكس تحسناً في أوضاع حقوق الإنسان، بل يأتي في إطار إدارة الضغط الدولي دون تغيير جوهري في السياسات.

سياق أوسع من التضييق

تعكس هذه القضايا، وفق منظمات حقوقية، استمرار سياسة ممنهجة تهدف إلى ردع الناشطات وإرهاقهن قضائياً ونفسياً، عبر أحكام متراكمة واستدعاءات متكررة، بما يحد من قدرتهن على العودة إلى الحياة العامة. 

ويؤكد مراقبون أن استهداف النساء الناشطات يحمل بعداً رمزياً يهدف إلى كبح أي دور نسوي في الحراك المدني والسياسي، في وقت تتزايد فيه الانتقادات الدولية لسجل إيران الحقوقي.

وتحذّر جهات حقوقية من أن استمرار هذا النهج يفاقم عزلة إيران الدولية، ويقوض فرص الحوار الداخلي، داعية إلى الإفراج عن جميع السجناء السياسيين، ووقف استخدام القضاء كأداة لقمع حرية التعبير والعمل السلمي، وضمان احترام الحقوق الأساسية المنصوص عليها في المواثيق الدولية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية